طغى خطاب الأزمة الاقتصادية في المغرب على المنابر الإعلامية، وعلى تصريحات السياسيين، وغير السياسيين؛ منهم والي بنك المغرب الذي نُقِلَ عنه خلال ندوة نظمت مؤخرا بالرباط، تحذيره من قرب حدوث الكارثة، وأيضا الأمين العام لـحزب “الحركة الشعبية” الذي دعا المغاربة إلى شد الحزام أكثر فيما سيأتي من الأيام. والملاحظ أن هذا الخطاب طفا على السطح مباشرة بعد تنصيب الحكومة الحالية، وفي خضم هذا الجدل بدأت الحكومة في وضع خطة جديدة كشفت عنها الصحف، في محاولة لاحتواء الأزمة، وترتكز الخطة على ثلاثة محاور رئيسية، تتمثل في تجميد جزء من نفقات الاستثمار العمومي المبرمجة خلال السنة الجارية، وكذا رفع مجهود الدولة في مجال المراقبة لتحصيل عائدات ضريبية إضافية، إضافة إلى اللجوء للاقتراض الخارجي.
مما يطرح أكثر من سؤال حول حقيقة الوضع، خاصة وأن الحكومة السابقة كانت تصرح على لسان وزيرها في المالية أن المغرب في منأى عن الأزمة الاقتصادية؛ أزمة لم تسلم من انعكاساتها السلبية حتى الدول القوية مثل ألمانيا وفرنسا وأمريكا وغيرها.
وفي هذا السياق؛ ومنذ تطبيق مدونة الحقوق العينية ابتداء من تاريخ 24/05/2012 والاقتصاد الوطني والعقاري بالخصوص يعيش في ركود وكساد، الشئ الذي كان له الوقع الكبير على المواطنين البسطاء الذين كانوا يجدون ضالتهم في التوثيق العرفي، واعتبارا أن العمليات العقارية تعرف حركية واسعة وسرعة وحيوية لسهولتها وتكسب الدولة من هذه العمليات مبالغ جد مهمة يوميا ، لكن إن أصبح الأمن التوثيقي رهين بنقل الملكية مشروطا مقيدا بالمادة الرابعة من القانون 39-08 فستخسر الدولة ملايير الدراهم ما بين التسجيل و التنمبر و المحافظة العقارية ومصالح تصحيح الإمضاءات وبه ستغلق موردا مهما وأساسيا من موارد ميزانيتها.
وستكون النتيجة الرفع من مبالغ الضريبة العامة على الدخل و الضريبة المهنية على المهنيين خاصة و المواطنين بصفة عامة وبالتالي يحيلنا هذا على المس بالميزانية العامة للدولة والقدرة الشرائية للمواطن ومن تم سيدفعه هذا إلى اليأس و القنوط و محاولة التملص وربما التوقف النهائي عن الأداء الضريبي والاستثمار مما يؤدي إلى انهيار النظام الاقتصادي الوطني .
ونتيجة ذلك ستجد الدولة المغربية نفسها عاجزة عن ضمان تسديد أجور الموظفين و المتقاعدين الحاليين فكيف سيكون ممكنا لها أن تشغل الآخرين ؟ و بالتالي سيكون الحل لا قدر الله هو الانهيار و الفساد الذي لاشك أن الوطن في غنى عنه .
إن تطبيق مدونة الحقوق العينية وخاصة المادة 4 منه والتي منعت تحرير والمصادقة على العقود الثابتة التاريخ التي يحررها الكتاب العموميين وأسندت هذه المهمة للموثقين والعدول والمحامين المقبولين لدى محكمة النقض مما أفقدها اسمها الحقيقي ألا وهو – العقود الثابتة التاريخ – لتصبح عقودا رسمية، وهذا ما جعل عدة مشاكل تطفو على السطح منها ما هو اقتصادي واجتماعي.
والكتابة العمومية كانت ولازالت متنفسا ومجالا خصبا لكل الحاصلين على الشواهد الجامعية وتحول بينهم وبين سلك طرق الاعتصامات والإضرابات ما داموا يجنون ما يغنيهم عن ذلك وعن مد اليد للأسرة التي تكون في غالبيتها محدودة الدخل ، ومن شأن إغلاق الباب أمام ممارسي هذه المهنة التي تستوعب أعدادا مهمة من الحاصلين على الشواهد العليا وغيرها فان الدولة لن تواجه المشتغلين بها لوحدهم ، بل سيتضاعف غضب الخريجين وسيزيدهم ذلك تشبثا بفكرة التصعيد في الاحتجاج و الاعتصام لانتزاع أحد الحقوق ( الشغل ) التي يضمنها أسمى قانون في البلاد ألا وهو الدستور لأنهم مقتنعون وقادرون على إقناع غيرهم أن لا سبيل للحصول على هذا الحق إلا بالتصعيد .
ولاشك أن المشرع المغربي والحكومات المغربية المتعاقبة بسنها لهذا القانون من أجل الأمن التوثيقي، هي إذن إما أنها تعرف ما تقرر وتفهم عواقبه وتدركه و بالتالي يمكن أن نستنتج من هذا المعطى أمرين اثنين أولهما : أنها تتعمد التخريب وثانيهما أنها تجهل أو تتجاهل عواقب سياساتها وما تسنه من قوانين تمس في جوهرها مصلحة المواطن خاصة و الوطن عامة ولم تستوعب أسباب ومسببات الحراك المجتمعي في مختلف بقاع العالم.
ومنذ القدم كان الكاتب العمومي هو الوجهة الوحيدة التي يقصدها المواطن من اجل توثيق أغراضه، و له تاريخ ورصيد معرفي كبير جدا بالمساطر والقوانين، وناهيكم عن أن الآلاف إن لم أقل الملايين من العقود العرفية مكتوبة ولازالت لدى كتاب عموميين أكفاء نزهاء وبمدن وقرى لا وجود فيها لوكلاء أعمال بالمرة. ولا نجد بالمرة مهنة وكيل أعمال بجل المدن وجميع القرى المغربية، رغم أننا لسنا ضد وكلاء الأعمال ولا نبخسهم في حقهم، فهم أيضا يقومون بتلك المهام بمدن أخرى. وحيث أن مهنة الكاتب العمومي في المغرب هي مهنة حرة تقدم خدمات كتابية على أشكال و أنواع و لغات مختلفة مثل كتابة الالتزامات و تحرير العقود الثابتة التاريخ وكتابة المراسلات و قراءتها و ترجمتها ، وكما تقدم النصح و الفتاوي و إبداء الرأي بناء على التجربة الطويلة في المساطر ، لكن هناك من يعتبر أن الفتاوي و إبداء الرأي تكون من اختصاص المحامين و المختصين القانونيين رغبة في احتكارها دون غيرهم ، لكن لماذا يأتي الناس إلى محلات الكتاب العموميين قصد استشارتهم و هم يعلمون أن هناك مختصين؟
لا يمكن الإجابة بأن أعباء أساتذة القانون مكلفة شيئا ما ، لأن قضايا الناس قضايا مصيرية لابد من ربحها مهما بلغ الثمن . و الجواب الحقيقي هو أن الكاتب العمومي يجيب عن استفسارات الناس بنزاهة دون خلفية و لا طمع و يؤسس جوابه على اضطلاعاته القانونية المتواضعة و تجاريبه المسطرية التي مر بها زبناؤه السابقون ، و لهذا يكون في الغالب صائبا ، مما يجعل الزبناء يعطونه سمعة طيبة يملك بها الشهرة و يتهافت على مكتبه الآخرون الجدد.
.وبما ان العبرة بالمهام وبالاختصاصات التي تقوم بها كل فئة من مهنيي تحرير العقود العرفية وليست العبرة بالاسم فاني التمس ضم الكتاب العموميين لوكلاء الأعمال في المشروع رقم 88.12 بتنظيم مهنة وكيل الأعمال محرر العقود ثابتة التاريخ ليكون لديهم قانون موحد ويضمنوا حقهم في الاستمرار في ممارسة مهامهم
ومعنى وكيل الأعمال الذي يتحدث عنه مشروع القانون 12/88 وإليكم التعريف : - تطبيقا لهذا الظهير [ 12 ينابر 1945 الصادر بالجريدة الرسمية عدد 1653 بتاريخ 26 يناير 1945] يعتبر وكيل أعمال الأشخاص الذاتيون و المعنويون اللذين يزاولون عادة المهن الاتية
• سمسار أو وسيط لبيع العقارات أو الأصول التجارية سواء بحثا عن رساميل لتوظيفها أو قروض مشمولة برهن رسمي أو حيازي أو ضمان.
• مسير أعمال الغير سواء أكانت موضوع نزاع أم لا و خاصة مسيري العقارات أو الميراث آو التورات.
• وكيل كراء العمارات أو الشقق.
• وكيل لاسترجاع الديون.
• اللذين يتدخلون لإيداع براءات الاختراع، العلامات التجارية و الرسوم و التصاميم أو في العمليات المتعلقة بتلك البراءات أو العلامات أو الرسوم أو التصاميم.
• الذين، عدا المحامون، يتكفلون عادة بالنزاعات أو تحرير العقود، و يتدخلون في عمليات تحفيظ العقارات، أو يزاولون مهنة مستشار قانوني أو ضريبي، أو مندوبي الحسابات، أو المحاسبون، أو الخبراء الحيسوبيون او المهندسون الطوبوغرافيون .
إذن فاين الفرق هنا بين وكيل الأعمال والكاتب العمومي ؟؟؟؟
عمر اعمارة
كاتب عمومي بالشياظمة الشمالية